Pages

Subscribe:

Thursday, 19 April 2012

اللعب علاج

- اللعب علاج للطفل :‏  


   لا يبعث النمو في مراحله كلها على الارتياح في‎ ‎نفوس الأطفال ذلك لأنه ينطوي على ‏تغيرات ( دينامكية ) عديدة داخل الطفل وخارجه أي في‎ ‎علاقته بنفسه وعلاقته بالبيئة المحيطة ‏به  وقد تشتمل هذه التغيرات ( الدينامكية ) تحت تأثير الضغوط والممارسات الاجتماعية على ‏خبرات سلبية ليست بقليلة تؤثر في نفسية‎ ‎الطفل وتسبب له التوتر والصراعات النفسية ‏ولذلك فالطفل بحاجة إلى التخفيف من هذه‎ ‎المخاوف والتوترات الناجمة عن الضغوط ‏الاجتماعية المفروضة عليه ‏
   
وقد
‎ ‎استخدمت طريقة العلاج باللعب أو اللعب العلاجي " Play therapy طريقة فعالة‎ ‎للعلاج النفسي بالنسبة للأطفال الذين يعانون من بعض المخاوف والتوترات النفسية ‏‎ ‎
واستخدم ‏فرويد اللعب طريقة في العلاج النفسي لأول مرة مع ابن صديق له كان يخاف من‎ ‎الخيول إذ ‏قام
الطفل هانز بتمثيل دور الحصان في ألعابه التلقائية لمرات متعددة وبعد‎ ‎ذلك تخلص من ‏مخاوفه من الخيول التي أصبحت مألوفة له .
واستخدمت هرمين هج هلموت‏ Hermine Helmut  من اتباع فرويد اللعب في علاج الأطفال مضطربي العقول وذلك في‎ ‎محاولة ‏للتأثير في سلوكهم بشكل مباشر .
وبدأت ميلاني كلين Melanie Klein  تحليلها‎ ‎النفسي ‏للأطفال في عام 1919 وعدت التعليم المباشر علاجاً غير مفيد  وقد استخدمت‏‎ ‎اللعب ‏التلقائي بديلاً عن التداعي الحر الذي كان فرويد قد استخدمه في علاج الكبار ‏‎ ‎لقد افترضت ‏ميلاني أن ما يقوم به الطفل في اللعب الحر يرمز إلى الرغبات والمخاوف‎ ‎والصراعات غير ‏الشعورية وهو ما يتطلب من الطبيب النفسي إقامة علاقة خاصة بالطفل‎ ‎فيمثل دور الشخص ‏العادي بينما يقوم الطفل بتوضيح عدد من الأدوار التي تعبر عن‎ ‎علاقاته الحقيقية مع الناس أو ‏شعوره نحوهم  وهذه الأدوار كانت سبباً في نشوء عدد‏‎ ‎من المتاعب وعلى المعالج النفسي ‏بعد ذلك أن يجعل الطفل مدركاً لهذه العلاقات‎ ‎الواقعية عن طريق تفسير مضمون الألعاب ‏للطفل .‏
أما أنا فرويد
Anna Freud  على عكس ميلاني كلين .
-          أن علاج الطفل يختلف ‏بشكل‎ ‎جوهري عن علاج الكبار إذ أن عمل المعالج في حال الأطفال يكون تعليمياً لذا يجب أن‎ ‎يحصل المعالج على ثقة الطفل ومحبته  فاللعب من وجهة نظر ( أنا فرويد ) لا يشترط أن‎ ‎يكون رمزاً لشيء ما فإذا كان الطفل ينصب عموداً لمصباح فهو يقوم بهذا العمل لأنه‎ ‎رأى ‏عموداً وتأثر به  وفي الواقع أن الأطفال يقومون بألعاب تخيلية يجب أن تعزز عن‎ ‎طريق ‏معرفة تصرفات الطفل في البيت وتجاربه ورغباته ومخاوفه التي يمكن الحصول عليها‎ ‎بالألفة ‏والثقة المتبادلة مع الطفل.‏
مما تقدم تبدو أهمية اللعب طريقة علاجية ناجعة ولكن مشكلات التطبيق العملي
للنظريات‎ ‎والحقائق لا تزال موضع أخذ ورد والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو : هل يمكن‎ ‎أن ‏نصدر حكماً على تكيف الطفل الاجتماعي والانفعالي من خلال الطريقة التي يلعب بها‎ ‎‏.‏
‏                                                                  ( الحمامي ، 2001 ) ‏

‏6- النظريات المختلفة في تفسير اللعب:‏
لقد شغلت ظاهرة اللعب عند الأطفال العلماء والباحثين في
‎ ‎مختلف العصور وعلى مر الأزمنة ‏فتأملوا هذه الظاهرة عند الإنسان والحيوان وحاولوا أن‎ ‎يفسروها فوضعوا نظريات عدة في ‏ذلك ومن أهم هذه النظريات :
‏1- نظرية الطاقة الزائدة :
ظهرت في أواخر القرن الماضي هذه النظرية ووضع أساسها ( شيلر ) الشاعر
الألماني ثم‎ ‎الفيلسوف هربرت سبنسر وخلاصتها : أن اللعب مهمته التخلص من الطاقة الزائدة ‏‎ ‎فالحيوان ‏مثلاً إذا توافرت لديه طاقة تزيد عما يحتاجه منها للعمل فإنه يصرف هذه‎ ‎الطاقة في اللعب  ‏وإذا طبقنا ذلك على الأطفال نرى أن الأطفال يحاطون بعناية‎ ‎أوليائهم ورعايتهم فهؤلاء ‏الأولياء يقدمون لهم الغذاء ويعنون بنظافتهم وصحتهم دون‎ ‎أن يقوم الأطفال بعمل ما فتتولد ‏لديهم طاقة زائدة يصرفونها في اللعب إن هذا‏‎ ‎التفسير معقول إلى حد ما لكنه لا يفسر حقائق ‏اللعب كلها فالقول به تسليم بأن اللعب‎ ‎مقتصر على الطفولة وهذا لا ينطبق على الواقع إذ عند ‏الكبير أيضاً ميل إلى اللعب بل‎ ‎ويمارسه في الواقع 0 فإذا كان اللعب مرتبطاً بوجود فضل ‏الطاقة فكيف يمكن شرح كيفية‎ ‎لعب الحيوان الصغير أو الطفل إلى درجة تنهك فيها قواه كما ‏نشاهد ذلك غالباً في‎ ‎الحياة العادية .‏
‏2- النظرية الإعدادية أو نظرية الإعداد للحياة المستقبلية :
يرى واضع هذه النظرية كارل غروس
( Karl Groos  ) أن اللعب للكائن الحي‎ ‎هو عبارة ‏عن وظيفة بيولوجية هامة فاللعب يمرن الأعضاء وبذلك يستطيع الطفل أن‏‎ ‎يسيطر سيطرة ‏تامة عليها وأن يستعملها استعمالاً حراً في المستقبل‏ فاللعب إذاً‎ ‎إعداد للكائن الحي كي يعمل في المستقبل الأعمال الجادة المفيدة  ومثالنا على ذلك‏‎ ‎تناطح الحملان في لعبها إنما هو تمرين على القيام بالتناطح الجدي في المستقبل‎ ‎والدفاع عن ‏النفس وتراكض الجراء وعض بعضها بعضاً كأنها تتدرب على القتال  وصغار‎ ‎الطير تضرب ‏بأجنحتها بما يشبه حركات الطيران وكذلك القطط التي يطارد بعضها بعضاً في‎ ‎أثناء اللعب ‏فهي تقوم بحركات تشبه الحركات التي تقوم بها في المستقبل بقصد الحصول‎ ‎على الطعام ‏ومطاردة الفريسة  والطفلة في عامها الثالث تستعد بشكل لا شعوري لتقوم‏‎ ‎بدور الأم حين ‏تضع لعبتها وتهدهدها كي تنام وهكذا فإن مصدر اللعب هو الغرائز أي‏‎ ‎الآليات البيولوجية ‏ولقد أكد وجهة النظر البيولوجية هذه كثير من العلماء مع إجراء‎ ‎تعديلات طفيفة عليها ‏‎ ‎ما ‏فتتولد لديهم طاقة زائدة‎ ‎يصرفونها في اللعب.‏
‏3- النظرية التلخيصية :
صاحب هذه النظرية هو ستانلي
‎ ‎هول وخلاصتها :
-           إن اللعب هو تلخيص لضروب النشاطات ‏المختلفة التي مر بها الجنس‎ ‎البشري عبر القرون والأجيال وليس إعداداً للتدريب على نشاط ‏مقبل ومواجهة صعاب‎ ‎الحياة ‏
فألعاب القفز والتسلق والصيد وجمع الأشياء المختلفة هي ألعاب فردية أو
‎ ‎جماعية غير منظمة ‏ولعل هذا يشير إلى حياة الإنسان الأول عندما كان يصطاد الحيوانات‎ ‎ويسخرها لمصلحته ‏فالطفل حينما يجمع حوله جماعات الرفاق ليلعب معهم إنما يمثل في‎ ‎عمله نشأة الجماعات ‏الأولى في حياة الإنسان كما أنه إذا قدمنا له عدداً من المكعبات‎ ‎فإنه يشرع في بناء منزل أو ما ‏يشبهه وهذه تمثل مرحلة من مراحل التقدم في الحياة‎ ‎فالإنسان يلخص في لعبه إذاً أدوار ‏المدنية التي مرت عليه كما يلخص الممثل على‎ ‎المسرح تماماً تاريخ أمة من الأمم في ساعات ‏قليلة  وقد وجهت إلى هذه النظرية‏‎ ‎اعتراضات كثيرة منها : إن هذه النظرية بنيت على ‏افتراض أن المهارات التي تعلمها جيل‏‎ ‎من الأجيال والخبرات التي حصل عليها يمكن أن يرثها ‏الجيل الذي يليه غير أن هذه‎ ‎النظرية القائلة بتوريت الصفات المكتسبة والتي يعد ( لامارك ) ‏مؤسساً لها لم يعثر‎ ‎على ما يؤيدها في دراسة الوراثة كما يرفض معظم علماء الوراثة في ‏الغرب الرأي القائل‎ ‎بإمكان توريث الصفات المكتسبة وهذا كله أدى إلى إلغاء هذه النظرية ‏إضافة إلى أن‎ ‎الصغار ليسوا صوراً مصغرة عن الكبار فركوب الدراجات واستعمال الهواتف ‏مثلاً ليس‎ ‎تكراراً لتجارب قديمة وإنما هو من معطيات الجيل نفسه الذي يستخدمها ‏
‏4- النظرية التنفسية :
وهي نظرية مدرسة التحليل النفسي
‎ ‎الفرويدية :
-          وتركز على ألعاب الأطفال بخاصة إذ ترى أن ‏اللعب يساعد الطفل على التخفيف‎ ‎مما يعانيه من القلق الذي يحاول كل إنسان التخلص منه بأية ‏طريقة  واللعب إحدى هذه‏‎ ‎الطرق وتشبه هذه النظرية إلى حد ما نظرية الطاقة الزائدة ‏
واللعب عند مدرسة
‎ ‎التحليل النفسي تعبير رمزي عن رغبات محبطة أو متاعب لا شعورية ‏وهو تعبير يساعد على‎ ‎خفض مستوى التوتر والقلق عند الطفل  فالطفل الذي يكره أباه ‏كراهية لا شعورية قد‎ ‎يختار دمية من الدمى التي يعدها الأب فيفقأ عينيها أو يدفنها في الأرض ‏وهو بهذه‎ ‎الحالة يعبر عن مشاعره الدفينة بوساطة اللعب  وترى الولد الذي يغار من أخته ‏التي‎ ‎تقاسمه محبة والديه يضمر لها عداء يعبر عنه دون قصد بالقسوة على دميته التي يتوهم‎ ‎فيها شخص أخته  لذا فالأم تستطيع أن تعرف شيئاً عن حالة طفلها النفسية من الطريقة‏‎ ‎التي ‏يعامل بها دميته فهو يضرب دميته أو يأمرها بعدم الكلام أو يقذفها من الباب‎ ‎وهذه كلها ‏رموز تدل على أشياء تسبب له القلق  وعن طريق اللعب يصحح الطفل الواقع‏‎ ‎ويطوعه ‏لرغباته ( إن دميتي تنام متى تشاء ) وبوساطته يخفف من أثر التجارب المؤلمة ( عوقبت ‏الدمية إذ أجريت لها عملية اللوزتين ) وبه يكتشف حوادث المستقبل ويتنبأ بها ( ستعاقبين يا ‏دميتي لأنك لم تسمعي كلمة ماما )
ورسوم الأطفال الحرة هي عبارة عن
‎ ‎نوع من اللعب وتؤدي وظيفة اللعب نفسها  فالطفل قد ‏يرسم عقرباً ويقول هذه ( زوجة‎ ‎أبي ) والطفل الذي يشعر بالوحدة قد يرسم أفراد العائلة كلهم ‏داخل المنزل باستثناء‎ ‎طفل متروك خارجه ‏
ولاشك أن الطفل يتغلب على مخاوفه عن طريق اللعب فالطفل الذي
‎ ‎يخاف أطباء الأسنان يكثر ‏من الألعاب التي يمثل فيها دور طبيب أسنان إذ أن تكرار‎ ‎الموقف الذي يسبب الخوف من ‏شأنه أن يجعل الفرد يألفه والمألوف لا يخيفنا لأننا‏‎ ‎نتصرف حياله التصرف المناسب ولدينا ‏متسع من الوقت لهذا التصرف بخلاف غير المألوف‎ ‎والأطفال الذين يخافون من الأطباء ‏يعطون لعبة تمثل المريض وسماعة ليفحصوا بها‎ ‎وليمثلوا دور الطبيب بأنفسهم وبذلك ‏يستطيعون التغلب على مخاوفهم من الأطباء بوساطة‎ ‎ألعابهم
‏5
- نظرية النمو الجسمي :
يرى العالم كارت
(  Cart ) الذي تنسب إليه هذه النظرية:
 إن اللعب يساعد على نمو الأعضاء ‏ولا سيما المخ والجهاز‎ ‎العصبي فالطفل عندما يولد لا يكون مخه في حالة متكاملة أو ‏استعداد تام للعمل لأن‎ ‎معظم أليافه العصبية لا تكون مكسوة بالغشاء الدهني الذي يفصل ألياف ‏المخ العصبية‎ ‎بعضها عن بعض وبما أن اللعب يشتمل على حركات تسيطر على تنفيذها كثير ‏من المراكز‎ ‎المخية فمن شاء هذا أن يثير تلك المراكز إثارة يتكون بفضلها تدريجياً ما تحتاج ‏إليه‎ ‎الألياف العصبية من هذه الأغشية الدهنية
‏6- نظرية الاستجمام :
وخلاصة هذه النظرية أن الإنسان يلعب كي يريح عضلاته المتعبة‎ ‎وأعصابه المرهقة التي ‏أضناها التعب ذلك لأن الإنسان عندما يستخدم عضلاته وأعصابه‎ ‎بصورة غير الصورة التي ‏كان يستخدمها فيها في أثناء العمل فإنه يعطي بذلك لعضلاته‎ ‎المجهدة وأعصابه المتعبة فرصة ‏كي نستريح وقد وجهت لهذه النظرية الاعتراضات التالية :
‏1
- لو كانت الغاية من العب هي راحة الأعصاب المجهدة والعضلات المتعبة فإن‎ ‎أحسن ‏طريقة لذلك هي الاستلقاء في الفراش والاسترخاء في الجلوس من غير عمل ما لأن‎ ‎هذه ‏الطريقة تجلب الراحة في وقت أقصر‏
‏2- لو كان الهدف من اللعب الراحة فقط‎ ‎لكان من الأفضل للكبار أن يلعبوا أكثر مما يلعب ‏الصغار لأن عمل الكبار وجهدهم‎ ‎المبذول ادعى للتعب من لعب الصغار ومع ذلك فإننا نرى ‏أن الصغار أكثر لعباً من‎ ‎الكبار ‏
‏3- لا يكون لعب الإنسان دائماً بطاقات عضلية وجهد عصبي غير التي‎ ‎يستعملها في أثناء ‏العمل بل إن الإنسان يلعب بالعضلات التي يعمل بها والأعصاب التي‎ ‎يفكر بها ‏
‏4- تبين لعلماء النفس أن الجهد المبذول لا يتعب العضلة وحدها بل‎ ‎يتعب الجسم ذلك لأن أي ‏عمل من الأعمال يستلزم استعداد عضلات الجسم كلها وتأهبها‎ ‎للعمل ‏
وهكذا نرى أن في نظرية الاستجمام انتقاصاً واضحاً وصريحاً لوظيفة اللعب‎ ‎وتضييقاً لها عند ‏حصرها بإراحة العضلات والأعصاب وبإعادة ما استنفذه الكائن الحي من‎ ‎طاقات حيوية في ‏سبيل أعماله وإهمالاً للدور الفعال للعب كنشاط إنساني أصيل موجه‎ ‎ومؤثر في عملية النمو .‏

0 comments:

Post a Comment