Pages

Subscribe:

Thursday, 19 April 2012

نظريات الباحثين


        اللعب عند فيجوتسكي ( Vygotsky )                                 
        يرى فيجوتسكي أن الطفل الصغير يميل إلى إشباع‎ ‎حاجاته بصورة فورية ويصعب ‏عليه تأجيل هذا الإشباع لفترة طويلة  ولكن مع تقدم الطفل‏‎ ‎في العمر ودخوله في سن ما قبل ‏المدرسة فإن كثيراً من رغباته تظهر تلقائياً ويعبر‎ ‎عنها من خلال اللعب  وإن لعب الطفل في ‏هذه المرحلة هو دوماً التحقيق التخيلي‎ ‎والوهمي للرغبات التي لا يمكن تحقيقها 0 فالمخيلة في ‏هذه الحال تشكيل جديد ليس له‎ ‎وجود في وعي الطفل الصغير جداً وإنما يمثل نموذجاً إنسانياً ‏خاصاً للنشاط الواعي ‏‎ ‎فاللعب التخيلي إذا لا يعد نمطاً من أنماط اللعب وإنما هو اللعب ذاته ‏حيث يبدع‎ ‎الطفل فيه موقفاً تخيلياً من ذخيرته الفكرية
ويرى فيجزتسكي أن للعب دوراً
‎ ‎رئيساً في نمو الطفل  فالنشاط التخيلي وإبداع
الأهداف ‏وصوغ الدوافع الاختيارية كل‎ ‎ذلك يظهر من خلال اللعب ويجعله في أعلى مراحل نمو ما قبل ‏المدرسة 
فيجوتسكي يرى أن اللعب يحتوي على الميول
‎ ‎النمائية كلها ويسهم في تحقيق ما يلي :
‏1- التفكير المجرد
:
إذ يعد
‎ ‎اللعب مرحلة ممهدة لا بد منها لتنمية التفكير المجرد وعندما يكبر الطفل فإن الفرصة‎ ‎تصبح متاحة أمامه لاستخدام اللعب دون وعي وفي مرحلة ما قبل المدرسة ينقلب اللعب إلى‎ ‎عمليات داخلية وفكر مجرد
‏2- ضبط الذات
:
إن التزام الطفل بقواعد اللعب
‎ ‎وأنظمته يوفر له متعة قصوى حيث يحول الالتزام دون تحقيق ‏رغباته المباشرة وبذلك‎ ‎يتعلم الطفل أن يسيطر على حوافزه ويضبطها
‏3- اللعب نشاط رائد لا مجرد
نشاط‎ ‎سائد :
إذ بفضل هذه القوة النمائية يتجاوز الطفل من خلال اللعب عمره الواقعي
‎ ‎ولهذا يعد اللعب ‏أفضل مجال نمائي حيوي للطفل إنه بهذا حقل النمو ومختبره الأمثل وهكذا نرى أنه في ‏الوقت الذي يرفض فيه فيجوتسكي عد المتعة أساساً لتعريف اللعب فإنه‎ ‎يرفض بالمقابل عد ‏اللعب نشاطاً غير هادف إذ يرى أن الطفل يشبع من خلال اللعب حاجات‏‎ ‎وحوافز معينة تتغير ‏من مرحلة عمرية إلى مرحلة أخرى
إن العلماء الروس قبل
‎ ‎الثورة والسوفييت بعدها يفسرون اللعب بصورة أخرى فقد أيد كل ‏من أي سيكور سكي‎ ‎وبف كابتيروف و ب ليفا فت و ك أوشينسكي) تفرد اللعب ‏كنشاط إنساني أصيل . ( خير الله ، 1981 ) ‏
‏8- نظرية جان بياجه في اللعب :‏
      إن نظرية جان بياجه في اللعب ترتبط ارتباطاً‎ ‎وثيقاً بتفسيره لنمو الذكاء ويعتقد بياجه أن ‏وجود عمليتي التمثل والمطابقة ضروريتان‎ ‎لنمو كل كائن عضوي وأبسط مثل للتمثل هو ‏الأكل فالطعام بعد ابتلاعه يصبح جزءاً من‎ ‎الكائن الحي بينما تعني المطابقة توافق الكائن الحي ‏مع العالم الخارجي كتغيير خط‎ ‎السير مثلاً لتجنب عقبة من العقبات أو انقباض أعصاب العين ‏في الضوء الباهر ‏‎ ‎فالعمليتان متكاملتان إذ تتمم الواحدة الأخرى كما يستعمل بياجيه عبارتي ‏التمثل‎ ‎والمطابقة في معنى أعم لينطبقا على العمليات العقلية  فالمطابقة تعديل يقوم به‏‎ ‎الكائن ‏الحي إزاء العالم الخارجي لتمثل المعلومات كما يرجع النمو العقلي إلى‎ ‎التبادل المستمر ‏والنشط بين التمثل والمطابقة ويحدث التكيف الذكي عندما تتعادل‎ ‎العمليتان أو تكونان في حالة ‏توازن وعندما لا يحدث هذا التوازن بين العمليتين فإن‎ ‎المطابقة مع الغاية قد تكون لها الغلبة ‏على التمثل وهذا يؤدي إلى نشوء المحاكاة وقد‎ ‎تكون الغلبة على التعاقب للتمثل الذي يوائم بين ‏الانطباع والتجربة السابقة ويطابق‎ ‎بينها وبين حاجات الفرد وهذا هو اللعب فاللعب والتمثل ‏جزء مكمل لنمو الذكاء ويسيران‎ ‎في المراحل نفسها ‏
     
ويميز بياجيه أربع فترات كبرى في النمو العقلي
:
‏1- فالطفل حتى الشهر الثامن عشر يعيش مرحلة حسية حركية إذ يبدأ الطفل في
هذه‎ ‎المرحلة ‏بانطباعات غير متناسقة عن طريق حواسه المختلفة  وذلك لعدم قدرته على تمييز‏‎ ‎هذه ‏الانطباعات من استجاباته المنعكسة لها 0 ويحصل التناسق الحركي والتوافق‏‎ ‎تدريجياً في هذه ‏المرحلة حيث تصبح هذه الأمور ضرورية لإدراك الأشياء ومعالجتها‎ ‎يدوياً في المكان ‏والزمان ‏ 
‏2- وفي المرحلة التالية الواقعة بين عامين وسبعة أو
‎ ‎ثمانية أعوام - وهي المرحلة ‏التشخيصية تنمو حصيلة الطفل الرمزية واللفظية فيصبح‎ ‎قادراً على تصور الأشياء في غيابها ‏ويرمز إلى عالم الأشياء بكامله مع ما بينها من‎ ‎علاقات وهذا يتم من خلال وجهة نظره ‏الخاصة ولا يستطيع الطفل في هذه المرحلة تجميع‎ ‎الأشياء وفق خصائصها المشتركة بل ‏يصنفها تصنيفاً توفيقياً إذ استرعى انتباهه شيء ما‎ ‎مشترك بين مجموعة أشياء ‏
‏3- وفي المرحلة الثالثة في الحادية عشرة أو الثانية
‎ ‎عشرة يصبح الطفل قادراً على إعادة ‏النظر في العمليات عقلياً بالنسبة للحالات‎ ‎المادية فقط  ومع تقدم النمو يتوزع الانتباه وتصبح ‏العمليات القابلة لإعادة النظر‎ ‎ممكنة عقلياً في بادئ الأمر ثم تنسق مع بعضها حتى ينظر إلى ‏العلاقة المعينة كحالة‎ ‎عامة لكل فئة ‏
‏4- وفي المرحلة الرابعة - مرحلة المراهقة - تصبح العمليات‏
‎ ‎العقلية عمليات مجردة تجريداً ‏تاماً من الحالات المحسوسة جميعها وفي كل مرحلة من‎ ‎هذه المراحل تنمو مدارك الطفل ‏بالتجربة من خلال التفاعل والتوازن بين مناشط التمثل‎ ‎والمطابقة لأن التجربة وحدها لا تكفي ‏وترجع الحدود الفطرية في النمو لكل مرحلة إلى‎ ‎نضج الجهاز العصبي المركزي من جهة ‏وإلى خبرة الفرد عن البيئة المحيطة من جهة أخرى 
     
ويبدأ اللعب في المرحلة الحسية الحركية إذ يرى ( بياجيه ):
-          أن الطفل‏‎ ‎حديث الولادة لا ‏يدرك العالم في حدود الأشياء الموجودة في الزمان والمكان فإذا‎ ‎بنينا حكمنا على اختلاف ‏ردود الأفعال عند الطفل فإن الزجاجة الغائبة عن نظره هي‎ ‎زجاجة مفقودة إلى الأبد وحين ‏يأخذ الطفل في الامتصاص لا يستجيب لتنبيه فمه وحسب بل‎ ‎يقوم بعملية المص وقت خلوه من ‏الطعام ولا يعد هذا لعباً حتى ذلك الوقت لأنه يواصل‎ ‎لذة الطعم  وينتقل سلوك الطفل الآن ‏إلى ما وراء مرحلة الانعكاس حيث تنضم عناصر‎ ‎جديدة إلى رد الفعل الدوري بين المثيرات ‏والاستجابات ويقلل نشاط الطفل تكراراً لما‎ ‎فعله سابقاً وهذا ما يطلق عليه بياجيه التمثل ‏الإسترجاعي ومثل هذا التكرار من أجل‎ ‎التكرار هو في حد ذاته طليعة اللعب
     
وليس هناك ما يلزم بياجيه
‎ ‎بافتراض وجود خاص للعب طالما يرى فيه مظهر من ‏مظاهر التمثل الذي يعني تكراراً لعمل‎ ‎ما بقصد التلاؤم معه وتقويته  وفي الشهر الرابع ‏يتناسق النظر واللمس عند الطفل‎ ‎ويتعلم أن دفع الدمية المعلقة في سريره يجعلها تتأرجح وإذا ‏ما تعلم الطفل عمل شيء‎ ‎ما فإنه يعيد هذا العمل مراراً وهذا هو اللعب ابتهاج ( وظيفي ) ‏وابتهاج لأنه سبب‎ ‎نابع من تكرار الأفعال التي يتم التحكم بها فإذا ما تعلم الطفل كشف ‏الأغطية بغية‎ ‎البحث عن الدمى والأشياء الأخرى يصبح هذا الكشف في حد ذاته لعبة ممتعة ‏لدى الطفل من‎ ‎الشهر السابع وحتى الثاني عشر من عمره فاللعب لم يعد تكراراً لشيء ناجح ‏بل أصبح‎ ‎تكراراً فيه تغيير وفي أواخر المرحلة الحسية الحركية يصبح العمل ممكناً في حال ‏غياب‎ ‎الأشياء أو وجودها مع الإدعاء والإيهام  فاللعب الرمزي أو الإيهام يميز مرحلة‏‎ ‎الذكاء ‏التشخيصي الممتدة من السنة الثانية إلى السابعة من العمر فالتفكير الأولي‎ ‎يتخذ شكل الأفعال ‏البديلة التي لا تزال منتمية إلى آخر تصورات الحركة الحسية 

   
أما اللعب الرمزي الإيهامي:
-           فله الوظيفة نفسها في نمو التفكير‎ ‎التشخيصي كالوظيفة التي ‏كان يقوم بها التدريب على اللعب في المرحلة الحسية الحركية‎ ‎إذ أنه تمثل خالص وبالتالي ‏يعمل على إعادة التفكير وترتيبه على أساس الصور والرموز‎ ‎التي يكون قد أتقنها  كذلك ‏يؤدي اللعب الرمزي إلى تمثل الطفل لتجاربه الانفعالية‎ ‎وتقويتها
-          ومع ذلك فالصفة الخاصة ‏للعب الإيهامي تستمد من الصفة الخاصة لعمليات‎ ‎الطفل العقلية في هذه المرحلة
-           ويصبح ‏اللعب الإيهامي في المرحلة التشخيصية أكثر‎ ‎تنظيماً وإحكاماً ومع نمو خبرات الطفل يحدث ‏انتقال كبير إلى التشخيص الصحيح للحقيقة  وهذا ما يتضمن المزيد من الحركات الحسية ‏والتدريبات الفعلية بحيث يصبح اللعب‎ ‎ملائماً بشكل تقريبي للحقيقة.
-          ويصبح الطفل في الوقت ‏نفسه أكثر مطابقة للمجتمع
‎ ‎وينتقل الطفل في الفترة الواقعة بين الثامنة والحادية عشرة إلى ‏اللعب المحكوم‎ ‎بالنظم الجماعية الذي يحل محل ألعاب الإيهام الرمزية السابقة وعلى الرغم من ‏أن هذه‎ ‎الألعاب التي تحكمها القواعد تتكيف اجتماعياً وتستمر حتى مرحلة البلوغ فإنها تظل‎ ‎وكأنها تمثل أكثر منها مواءمة للحقيقة ‏

     
وتضفي نظرية بياجيه على اللعب
‎ ‎وظيفة بيولوجية واضحة بوصفه تكراراً نشطاً وتدريباً ‏يتمثل المواقف والخبرات الجديدة‎ ‎تمثلاً عقلياً وتقدم الوصف الملائم لنمو المناشط المتتابعة‏
 )                                                                               درويش ، 1983 ) ‏
‏9- التوفيق بين نظريات‎ ‎اللعب :‏
إذا ما ألقينا نظرة فاحصة وجادة على النظريات السابقة
‎ ‎فإننا نرى أن هذه النظريات في ‏معظمها تكمل بعضها بعضاً  فنظرية الطاقة الزائدة ترى‏‎ ‎أن اللعب ليس مجرد تخلص من ‏طاقة موجودة إنما يستفاد من هذه الطاقة في إعداد الكائن‎ ‎الحي للمستقبل ‏
وفيما يتعلق بالنظرية التلخيصية فإن الفرد عندما يلعب يعبر عن
‎ ‎دوافعه التي يشترك فيها مع ‏من سبقوه في سلم التطور وبهذا يبدو كأنه يلخص نشاط‎ ‎الماضي ولكن هذا لا يدفعنا إلى الأخذ ‏بالنظرية التلخيصية بعدها شرطاً من شروط النمو‎ ‎فالنمو يخضع لقوانين عامة تشترك فيها ‏الأفراد والجماعات ‏
والنظريتان التنفسية
‎ ‎والتحليلية تشتركان مع بعض النظريات السابقة  فهناك تشابه كبير بين ‏النظرية‎ ‎التنفيسية ونظرية الطاقة الزائدة غير أن الأمر ليس مجرد تنفيس عن انفعالات مكبوتة‎ ‎وإنما هو نشاط يؤدي إلى إعادة الاتزان في حياة الطفل ‏
ويمكننا أن نرى أن
‎ ‎الوظيفة الأساسية للعب هي :
الوظيفة الإعدادية أما الوظائف الأخرى فيمكن ‏أن نعدها‎ ‎وظائف ثانوية وعلى الرغم من أن هذه التفسيرات التي ذكرناها في بعض ‏نظريات اللعب‎ ‎تظهر وكأنها مختلفة فإن معظم هؤلاء العلماء يؤكدون حقيقة واحدة تتمثل في ‏أن اللعب‎ ‎يقوم في أساسه على الحاجات الغريزية البيولوجية أما رغبات الطفل وأهواؤه - ‏حسب‎ ‎رأيهم - فتنشأ بصورة عفوية وتنضج مع نموه وتظهر في ألعابه بغض النظر عن ‏الطريقة‎ ‎التي يربى وفقها وعن مكان عيشه ومن يقوم بهذه التربية .(الريماوي ، 1993  ‏)


دم الطفل‏‎ ‎في العمر ودخوله في سن ما قبل ‏المدرسة فإن كثيراً من رغباته تظهر تلقائياً ويعبر‎ ‎عنها من خلال اللعب  وإن لعب الطفل في ‏هذه المرحلة هو دوماً التحقيق التخيلي‎ ‎والوهمي للرغبات التي لا يمكن تحقيقها  فالمخيلة في ‏هذه الحال تشكيل جديد ليس له‎ ‎وجود في وعي الطفل الصغير جداً وإنما يمثل نموذجاً إنسانياً ‏خاصاً للنشاط الواعي ‏‎ ‎فاللعب التخيلي إذا لا يعد نمطاً من أنماط اللعب وإنما هو اللعب ذاته ‏حيث يبدع‎ ‎الطفل فيه موقفاً تخيلياً من ذخيرته الفكرية
ويرى فيجزتسكي أن للعب دوراً
‎ ‎رئيساً في نمو الطفل  فالنشاط التخيلي وإبداع الأهداف ‏وصوغ الدوافع الاختيارية كل‎ ‎ذلك يظهر من خلال اللعب ويجعله في أعلى مراحل نمو ما قبل ‏المدرسة 
فيجوتسكي يرى أن اللعب يحتوي على الميول
‎ ‎النمائية كلها ويسهم في تحقيق ما يلي :
‏1- التفكير المجرد
:
إذ يعد
‎ ‎اللعب مرحلة ممهدة لا بد منها لتنمية التفكير المجرد وعندما يكبر الطفل فإن الفرصة‎ ‎تصبح متاحة أمامه لاستخدام اللعب دون وعي وفي مرحلة ما قبل المدرسة ينقلب اللعب إلى‎ ‎عمليات داخلية وفكر مجرد
‏2- ضبط الذات
:
إن التزام الطفل بقواعد اللعب
‎ ‎وأنظمته يوفر له متعة قصوى حيث يحول الالتزام دون تحقيق ‏رغباته المباشرة وبذلك‎ ‎يتعلم الطفل أن يسيطر على حوافزه ويضبطها
‏3- اللعب نشاط رائد لا مجرد
نشاط‎ ‎سائد :
إذ بفضل هذه القوة النمائية يتجاوز الطفل من خلال اللعب عمره الواقعي
‎ ‎ولهذا يعد اللعب ‏أفضل مجال نمائي حيوي للطفل  إنه بهذا حقل النمو ومختبره الأمثل
 وهكذا نرى أنه في ‏الوقت الذي يرفض فيه فيجوتسكي عد المتعة أساساً لتعريف اللعب فإنه‎ ‎يرفض بالمقابل عد ‏اللعب نشاطاً غير هادف إذ يرى أن الطفل يشبع من خلال اللعب حاجات‏‎ ‎وحوافز معينة تتغير ‏من مرحلة عمرية إلى مرحلة أخرى
إن العلماء الروس قبل
‎ ‎الثورة والسوفييت بعدها يفسرون اللعب بصورة أخرى  ( فقد أيد كل ‏من أي سيكور سكي‎ ‎وب0ف كابتيروف و بف ليفا فت و اكد أوشينسكي) تفرد اللعب ‏كنشاط إنساني أصيل . ( خير الله ، 1981 ) ‏
‏8- نظرية جان بياجه في اللعب :‏
      إن نظرية جان بياجه في اللعب ترتبط ارتباطاً‎ ‎وثيقاً بتفسيره لنمو الذكاء ويعتقد بياجه أن ‏وجود عمليتي التمثل والمطابقة ضروريتان‎ ‎لنمو كل كائن عضوي وأبسط مثل للتمثل هو ‏الأكل فالطعام بعد ابتلاعه يصبح جزءاً من‎ ‎الكائن الحي بينما تعني المطابقة توافق الكائن الحي ‏مع العالم الخارجي كتغيير خط‎ ‎السير مثلاً لتجنب عقبة من العقبات أو انقباض أعصاب العين ‏في الضوء الباهر ‏‎ ‎فالعمليتان متكاملتان إذ تتمم الواحدة الأخرى كما يستعمل بياجيه عبارتي ‏التمثل‎ ‎والمطابقة في معنى أعم لينطبقا على العمليات العقلية  فالمطابقة تعديل يقوم به‏‎ ‎الكائن ‏الحي إزاء العالم الخارجي لتمثل المعلومات كما يرجع النمو العقلي إلى‎ ‎التبادل المستمر ‏والنشط بين التمثل والمطابقة ويحدث التكيف الذكي عندما تتعادل‎ ‎العمليتان أو تكونان في حالة ‏توازن وعندما لا يحدث هذا التوازن بين العمليتين فإن‎ ‎المطابقة مع الغاية قد تكون لها الغلبة ‏على التمثل وهذا يؤدي إلى نشوء المحاكاة وقد‎ ‎تكون الغلبة على التعاقب للتمثل الذي يوائم بين ‏الانطباع والتجربة السابقة ويطابق‎ ‎بينها وبين حاجات الفرد وهذا هو اللعب فاللعب والتمثل ‏جزء مكمل لنمو الذكاء ويسيران‎ ‎في المراحل نفسها 

     
ويميز بياجيه أربع فترات كبرى في النمو العقلي
:
‏1- فالطفل حتى الشهر الثامن عشر يعيش مرحلة حسية حركية إذ يبدأ الطفل في
هذه‎ ‎المرحلة ‏بانطباعات غير متناسقة عن طريق حواسه المختلفة 
 وذلك لعدم قدرته على تمييز‏‎ ‎هذه ‏الانطباعات من استجاباته المنعكسة لها  ويحصل التناسق الحركي والتوافق‏‎ ‎تدريجياً في هذه ‏المرحلة حيث تصبح هذه الأمور ضرورية لإدراك الأشياء ومعالجتها‎ ‎يدوياً في المكان ‏والزمان ‏ 
‏2- وفي المرحلة التالية الواقعة بين عامين وسبعة أو
‎ ‎ثمانية أعوام - وهي المرحلة ‏التشخيصية تنمو حصيلة الطفل الرمزية واللفظية فيصبح‎ ‎قادراً على تصور الأشياء في غيابها ‏ويرمز إلى عالم الأشياء بكامله مع ما بينها من‎ ‎علاقات وهذا يتم من خلال وجهة نظره ‏الخاصة ولا يستطيع الطفل في هذه المرحلة تجميع‎ ‎الأشياء وفق خصائصها المشتركة بل ‏يصنفها تصنيفاً توفيقياً إذ استرعى انتباهه شيء ما‎ ‎مشترك بين مجموعة أشياء
‏3- وفي المرحلة الثالثة في الحادية عشرة أو الثانية
‎ ‎عشرة يصبح الطفل قادراً على إعادة ‏النظر في العمليات عقلياً بالنسبة للحالات‎ ‎المادية فقط  ومع تقدم النمو يتوزع الانتباه وتصبح ‏العمليات القابلة لإعادة النظر‎ ‎ممكنة عقلياً في بادئ الأمر ثم تنسق مع بعضها حتى ينظر إلى ‏العلاقة المعينة كحالة‎ ‎عامة لكل فئة ‏
‏4- وفي المرحلة الرابعة - مرحلة المراهقة - تصبح العمليات‏
‎ ‎العقلية عمليات مجردة تجريداً ‏تاماً من الحالات المحسوسة جميعها وفي كل مرحلة من‎ ‎هذه المراحل تنمو مدارك الطفل ‏بالتجربة من خلال التفاعل والتوازن بين مناشط التمثل‎ ‎والمطابقة لأن التجربة وحدها لا تكفي ‏وترجع الحدود الفطرية في النمو لكل مرحلة إلى‎ ‎نضج الجهاز العصبي المركزي من جهة ‏وإلى خبرة الفرد عن البيئة المحيطة من جهة أخرى 
     
ويبدأ اللعب في المرحلة الحسية الحركية إذ يرى ( بياجيه ):
-          أن الطفل‏‎ ‎حديث الولادة لا ‏يدرك العالم في حدود الأشياء الموجودة في الزمان والمكان فإذا‎ ‎بنينا حكمنا على اختلاف ‏ردود الأفعال عند الطفل فإن الزجاجة الغائبة عن نظره هي‎ ‎زجاجة مفقودة إلى الأبد وحين ‏يأخذ الطفل في الامتصاص لا يستجيب لتنبيه فمه وحسب بل‎ ‎يقوم بعملية المص وقت خلوه من ‏الطعام ولا يعد هذا لعباً حتى ذلك الوقت لأنه يواصل‎ ‎لذة الطعم  وينتقل سلوك الطفل الآن ‏إلى ما وراء مرحلة الانعكاس حيث تنضم عناصر‎ ‎جديدة إلى رد الفعل الدوري بين المثيرات ‏والاستجابات ويقلل نشاط الطفل تكراراً لما‎ ‎فعله سابقاً وهذا ما يطلق عليه بياجيه التمثل ‏الإسترجاعي ومثل هذا التكرار من أجل‎ ‎التكرار هو في حد ذاته طليعة اللعب ‏
     
وليس هناك ما يلزم بياجيه
‎ ‎بافتراض وجود خاص للعب طالما يرى فيه مظهر من ‏مظاهر التمثل الذي يعني تكراراً لعمل‎ ‎ما بقصد التلاؤم معه وتقويته  وفي الشهر الرابع ‏يتناسق النظر واللمس عند الطفل‎ ‎ويتعلم أن دفع الدمية المعلقة في سريره يجعلها تتأرجح وإذا ‏ما تعلم الطفل عمل شيء‎ ‎ما فإنه يعيد هذا العمل مراراً وهذا هو اللعب ابتهاج ( وظيفي ) ‏وابتهاج لأنه سبب‎ ‎نابع من تكرار الأفعال التي يتم التحكم بها فإذا ما تعلم الطفل كشف ‏الأغطية بغية‎ ‎البحث عن الدمى والأشياء الأخرى يصبح هذا الكشف في حد ذاته لعبة ممتعة ‏لدى الطفل من‎ ‎الشهر السابع وحتى الثاني عشر من عمره فاللعب لم يعد تكراراً لشيء ناجح ‏بل أصبح‎ ‎تكراراً فيه تغيير وفي أواخر المرحلة الحسية الحركية يصبح العمل ممكناً في حال ‏غياب‎ ‎الأشياء أو وجودها مع الإدعاء والإيهام  فاللعب الرمزي أو الإيهام يميز مرحلة‏‎ ‎الذكاء ‏التشخيصي الممتدة من السنة الثانية إلى السابعة من العمر فالتفكير الأولي‎ ‎يتخذ شكل الأفعال ‏البديلة التي لا تزال منتمية إلى آخر تصورات الحركة الحسية 

   
أما اللعب الرمزي الإيهامي:
-           فله الوظيفة نفسها في نمو التفكير‎ ‎التشخيصي كالوظيفة التي ‏كان يقوم بها التدريب على اللعب في المرحلة الحسية الحركية‎ ‎إذ أنه تمثل خالص وبالتالي ‏يعمل على إعادة التفكير وترتيبه على أساس الصور والرموز‎ ‎التي يكون قد أتقنها  كذلك ‏يؤدي اللعب الرمزي إلى تمثل الطفل لتجاربه الانفعالية‎ ‎وتقويتها
-          ومع ذلك فالصفة الخاصة ‏للعب الإيهامي تستمد من الصفة الخاصة لعمليات‎ ‎الطفل العقلية في هذه المرحلة
-           ويصبح ‏اللعب الإيهامي في المرحلة التشخيصية أكثر‎ ‎تنظيماً وإحكاماً ومع نمو خبرات الطفل يحدث ‏انتقال كبير إلى التشخيص الصحيح للحقيقة  وهذا ما يتضمن المزيد من الحركات الحسية ‏والتدريبات الفعلية بحيث يصبح اللعب‎ ‎ملائماً بشكل تقريبي للحقيقة.
-          ويصبح الطفل في الوقت ‏نفسه أكثر مطابقة للمجتمع
‎ ‎وينتقل الطفل في الفترة الواقعة بين الثامنة والحادية عشرة إلى ‏اللعب المحكوم‎ ‎بالنظم الجماعية الذي يحل محل ألعاب الإيهام الرمزية السابقة وعلى الرغم من ‏أن هذه‎ ‎الألعاب التي تحكمها القواعد تتكيف اجتماعياً وتستمر حتى مرحلة البلوغ فإنها تظل‎ ‎وكأنها تمثل أكثر منها مواءمة للحقيقة ‏

     
وتضفي نظرية بياجيه على اللعب
‎ ‎وظيفة بيولوجية واضحة بوصفه تكراراً نشطاً وتدريباً ‏يتمثل المواقف والخبرات الجديدة‎ ‎تمثلاً عقلياً وتقدم الوصف الملائم لنمو المناشط المتتابعة ‏
 )                                                                               درويش ، 1983 ) ‏
‏9- التوفيق بين نظريات‎ ‎اللعب :‏
إذا ما ألقينا نظرة فاحصة وجادة على النظريات السابقة
‎ ‎فإننا نرى أن هذه النظريات في ‏معظمها تكمل بعضها بعضاً  فنظرية الطاقة الزائدة ترى‏‎ ‎أن اللعب ليس مجرد تخلص من ‏طاقة موجودة إنما يستفاد من هذه الطاقة في إعداد الكائن‎ ‎الحي للمستقبل ‏
وفيما يتعلق بالنظرية التلخيصية فإن الفرد عندما يلعب يعبر عن
‎ ‎دوافعه التي يشترك فيها مع ‏من سبقوه في سلم التطور وبهذا يبدو كأنه يلخص نشاط‎ ‎الماضي ولكن هذا لا يدفعنا إلى الأخذ ‏بالنظرية التلخيصية بعدها شرطاً من شروط النمو‎ ‎فالنمو يخضع لقوانين عامة تشترك فيها ‏الأفراد والجماعات ‏
والنظريتان التنفسية
‎ ‎والتحليلية تشتركان مع بعض النظريات السابقة  فهناك تشابه كبير بين ‏النظرية‎ ‎التنفيسية ونظرية الطاقة الزائدة غير أن الأمر ليس مجرد تنفيس عن انفعالات مكبوتة‎ ‎وإنما هو نشاط يؤدي إلى إعادة الاتزان في حياة الطفل
ويمكننا أن نرى أن
‎ ‎الوظيفة الأساسية للعب هي :
الوظيفة الإعدادية أما الوظائف الأخرى فيمكن ‏أن نعدها‎ ‎وظائف ثانوية وعلى الرغم من أن هذه التفسيرات التي ذكرناها في بعض ‏نظريات اللعب‎ ‎تظهر وكأنها مختلفة فإن معظم هؤلاء العلماء يؤكدون حقيقة واحدة تتمثل في ‏أن اللعب‎ ‎يقوم في أساسه على الحاجات الغريزية البيولوجية أما رغبات الطفل وأهواؤه - ‏حسب‎ ‎رأيهم - فتنشأ بصورة عفوية وتنضج مع نموه وتظهر في ألعابه بغض النظر عن ‏الطريقة‎ ‎التي يربى وفقها وعن مكان عيشه ومن يقوم بهذه التربية .(الريماوي ، 1993  ‏)


0 comments:

Post a Comment